خلق الله تعالى الكون بطريقةٍ بديعةٍ ومنظمة، فلا يوجد تداخل بين أيٍّ من مكوناته أو سير حياة أجزائه، فلا يمكن أن تشرق الشمس في غير موعدها أو أن يسبق الليل النهار، ولا يمكن أن تتصادم الكواكب والأجرام السماوية أثناء دورانها وحركتها، وإلّا لانهار الكون من قديم الزمان، وأمر الله تعالى الإنسان بالتفكر في إبداع هذا الكون الذي يدل على عظمة الخالق ، فقال الله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) [العنكبوت: 19]، وقال عز وجل: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [العنكبوت:20] ، فبدأ الإنسان يحاول تفسير نشأة الكون، وكيفية تشكّل الكواكب والأجرام السماوية المختلفة، وسبب اشتراكها في بعض الخصائص، واختلافها في خصائص أخرى.
نشأة الكوناستطاع الإنسان التوصل إلى أنَّ عمر الكون يقدّر بـ ١٤ بليون سنة، ثم توالت الاكتشافات التي قادت إلى تفسير نشأة الكون، وجاءت كلها لتؤيد فكرة الانفجار الأعظم أو الانفجار العظيم الذي جاء بها العالم البلجيكي جورج لوميتر عام 1927م، حيث أشارت النظرية إلى أنَّ الكون كان عبارة عن كتلةٍ غازيةٍ عظيمة الكثافة واللمعان والحرارة، ونتيجة هذه الحرارة المرتفعة جداً تعرضت الكتلة الغازية لضغطٍ هائلٍ سبّب انفجارها، وانتشار أجزائها في أماكن مختلفةٍ من جميع الاتجاهات، ثمّ تشكلت الكواكب والأجرام السماوية المختلفة.
ثم استطاع العالمان باتريس وويلسون عام 1964م من اكتشاف موجات راديو تنبعث من جميع أرجاء الكون، وتشترك بالصفات الفيزيائية في أي مكانٍ تسجل فيه، حيث أُطلق اسم النور المتحجر عليها، وهو النور القادم من الأزمنة السحيقة، ومن بقايا الانفجار العظيم الذي حصل في الثواني التي حدث فيها نشأة الكون، وفي عام 1989م أرسلت وكالة الفضاء الأميريكية (ناسا) قمرها الصناعي حيث استطاع إرسال معلوماتٍ بعد ثلاث سنوات تؤيد نظرية الانفجار العظيم، وتوصل علماء الفيزياء النظرية والفلكية فيما بعد أنّ الدخان الكوني كان عبارة عن خليطٍ من الغازات الحارة المعتمة، تتخللها بعض الجسيمات الأولية للمادة وأضداد المادة.
نشأة الكون في القرآن الكريمأثبت العلم على مر العصور ما جاء في القرآن الكريم حول نشأة الكون، فقال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء: 30]، حيث تشير الآية إلى أنّ الكون كله كان عبارة عن كتلةٍ واحدة ملتصقةً معاً، فالرتق هو الالتصاق، ثم حدث انفجارٌ عظيمٌ لهذه الكتلة نتج عنه تشكّل المجرات والكواكب والنجوم.
المقالات المتعلقة بكيف تشكل الكون